السودان 2016/2017

السودان 2016/2017

رفضت السلطات تنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية. وظلت الأوضاع متردية في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان مع الانتهاكات الواسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتشير الأدلة إلى استخدام القوات الحكومية للأسلحة الكيميائية في دارفور. كما قُيدت، بشكل تعسفي، الحقوق في حرية التعبيروالتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وتعرض من يشتبه في أنهم معارضون للحكومة للقبض والاحتجاز بصورة تعسفية وغير ذلك من الانتهاكات. وأدى إفراط السلطات في استخدام القوة عند فض التجمعات إلى سقوط العديد من الضحايا.

خلفية

تواصل النزاع المسلح في دارفور، والنيل الأزرق وجنوب كردفان مسفراً عن سقوط ضحايا مدنيين ومؤدياً إلى تعطل الحياة وصعوبتها على نطاق واسع.

في مارس/ آذار، اقترح فريق التنفيذ الرفيع المستوى للاتحاد الأفريقي (فريق التنفيذ الأفريقي) اتفاقية خارطة الطريق للسلام والحوار لوضع حد للنزاعات. وهذه الاتفاقية تلزم الطرفين بإنهاء الصراعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وبضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السكان في هذه المناطق. كما تلزم الأطراف بالانخراط في عملية حوار وطني شامل. وفي مارس/آذار، وقعت الحكومة على الاتفاقية، لكن جماعات المعارضة رفضت في البداية التوقيع عليها.

ففي 8 أغسطس/ آب، وقعت على الاتفاقية أربع من مجموعات المعارضة، وهي: "حزب الأمة القومي"؛ و"حركة تحرير شعب شمال السودان" ("حركة تحرير الشمال")؛ و"حركة العدل والمساواة"؛ و"حركة تحرير السودان -جناح ميني ميناوي". وفي اليوم التالي، استؤنفت المفاوضات في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، على مسارين: أولهما بين "حركة تحرير الشمال" والحكومة. والثاني بشأن دارفور حول وقف الأعمال العدائية ووصول المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، في 14 أغسطس/آب، انهارت المحادثات بين الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة المذكورة أعلاه. وأعلن فريق التنفيذ الأفريقي تعليق محادثات السلام لأجل غير محدد. وألقى كلا الجانبين اللوم على بعضهما البعض لانهيار المحادثات.

عندما تم تقييم سجل حقوق الإنسان في السودان في إطار عملية المراجعة الدورية الشاملة للأمم المتحدة في مايو/ أيار، قبل السودان عدداً من التوصيات من بينها التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والجهود المبذولة لمنع التعذيب والمعاملة اللاإنسانية. غير أن السودان رفض توصيات بإزالة الأحكام الخاصة بالإفلات من العقاب من قانون الأمن الوطني لسنة 2010، وبضمان تحقيق مستقل في الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي وفي انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، والقوات المسلحة والشرطة1 ومحاكمة مرتكبيها.

في يناير/ كانون الثاني، أقر البرلمان تعديلاً بزيادة الحد الأقصى للعقوبة على أعمال الشغب من السجن سنتين إلى خمس سنوات ".

المحكمة الجنائية الدولية

واصلت السلطات رفض تنفيذ خمس مذكرات توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لمواطنين سودانيين، من بينها أمران باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهم الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يزعم أنها ارتكبت في دارفور.

النزاع المسلح

دارفور

بقي الوضع الأمني والإنساني في دارفور وخيماً، ودخل الصراع المسلح عامه الثالث عشر في 2016.

في يناير/ كانون الثاني، شنت القوات الحكومية حملة عسكرية واسعة النطاق في منطقة جبل مرة في دارفور. واستهدفت هجماتها البرية والجوية المنسقة مواقع في جميع أنحاء جبل مرة واستمرت حتى مايو/ أيار. بعد ذلك، اشتدت الأمطار الموسمية، مما جعل الهجمات البرية غير عملية في معظم أنحاء المنطقة؛ على حين استمرت العمليات الجوية، مع ذلك، حتى منتصف سبتمبر/ أيلول.

وقد تم توثيق عدد كبير من الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها القوات الحكومية السودانية، بما في ذلك قصف المدنيين والممتلكات المدنية، وعمليات القتل غير القانوني للرجال والنساء والأطفال، واختطاف النساء واغتصابهن، والتهجير القسري للمدنيين ونهب وتدمير ممتلكاتهم، بما في ذلك تدمير قرى بأكملها.

 والأدلة التي تم توثيقها أيضاً تشير الى أن القوات الحكومية السودانية استخدمت بصورة متكررة الأسلحة الكيميائية خلال هجمات في جبل مرة2. وتشير صور الأقمار الصناعية، وأكثر من 200 مقابلة جادة مع ناجين، وتحليل الخبراء لعشرات من صور الإصابات، إلى وقوع مالا يقل عن 30 هجمة كيمائية محتملة في جبل مرة بين يناير/ كانون الثاني وسبتمبر/ أيلول 2016. ومن بين 200 و 250 شخص لقوا حتفهم نتيجة التعرض لعوامل الأسلحة الكيميائية، وكثير منهم -أو معظمهم - من الأطفال. ومعظم الناجين من الهجمات المشتبه أنها بأسلحة كيميائية لا يحصلون على الرعاية الطبية الكافية.

جنوب كردفان والنيل الأزرق

في 24 إبريل/ نيسان، أعلنت "الجبهة الثورية السودانية"، وهي تحالف أربع من مجموعات المعارضة المسلحة، وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة ستة أشهر، وذلك امتداد لوقف سابق معلن في أكتوبر/ تشرين 2015. وفي 17 يونيو/ حزيران، أعلن الرئيس البشير وقفاً للأعمال العدوانية من جانب واحد، ولمدة أربعة أشهر في النيل الأزرق وجنوب كردفان. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، مد أجل الإيقاف في هذه المناطق حتى نهاية العام.

وعلى الرغم من الوقف المعلن للأعمال العدائية، فإن القوات الحكومية وقوات "حركة تحرير الشمال" اشتبكت في الهجمات العسكرية المتفرقة في المناطق التي يسيطر عليها "جيش تحرير شعب شمال السودان". واتسم الصراع المسلح بشن القوات الحكومية هجمات جوية وبرية، على كثير من الأغراض المدنية – أي ليست أهدافاً عسكرية - وكذلك الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين3.

حرية تكوين الجمعيات

تعرض نشطاء المجتمع المدني للاعتقالات التعسفية والقيود التعسفية المفروضة على أنشطتهم.

ففي 28 يناير/ كانون الثاني، أوقف جهاز الأمن الوطني ندوة في نادي المحس في العاصمة الخرطوم وقد نظمت الندوة لجنة معارضة بناء سدي كجبار ودال في ولاية شمال السودان. وزعمت اللجنة أن السدين سيكون لهما أثار اجتماعية وبيئية ضارة. واعتقل جهاز الأمن الوطني 12 شخصاً، قبل أن يطلق سراحهم في وقت لاحق من ذلك اليوم.

في 29 فبراير/ شباط، داهم جهاز الأمن الوطني مكتب منظمة " تراكس" غير الحكومية ("مركز الخرطوم للتدريب والتنمية البشرية") وصادر الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، فضلاً عن وثائق وجوازات سفر الحاضرين وسيارتين. واحتجزوا خلف الله العفيف مختار مدير المركز، لمدة ست ساعات، واحتجزوا معه موظفاً آخر بالمركز وأحد الزوار وهو مصطفى آدم، مدير منظمة الزرقاء، إحدى منظمات المجتمع المدني4. وفي 22 مايو/ أيار، ألقى جهاز الأمن الوطني القبض على ثمانية من موظفي تراكس والمتعاونين معه. ثم أفرج عن خمسة منهم بكفالة في يونيو/ حزيران، ولكن تم اعتقال ثلاثة من دون تهمة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر من قبل مكتب المدعي العام لأمن الدولة قبل أن يتم نقلهم إلى سجن الهدى في انتظار المحاكمة5. وفي أغسطس/ آب، وجهت إلى ستة من موظفي تراكس والمتعاونين معه اتهامات بارتكاب جرائم مختلفة من بينها جرائم ضد الدولة تصل عقوبتها الى الاعدام. وبحلول نهاية العام6 لم تكن المحاكمة قد انتهت بعد.

وبين 23 و28 مارس/ آذار، اعترض مسؤولو الأمن في مطار الخرطوم الدولي أربعة ممثلين عن المجتمع المدني بينما كانوا في طريقهم لحضور اجتماع رفيع المستوى مع دبلوماسيين في جنيف، سويسرا، استعداداً لعملية الاستعراض الدوري الشامل في السودان7.

واصلت السلطات منع الأحزاب السياسية المعارضة من تنظيم الأنشطة العامة السلمية. فمنع جهاز الأمن الوطني الحزب الجمهوري من إحياء ذكرى إعدام مؤسسه محمود محمد طه، في 18 يناير/ كانون الثاني. وفي فبراير/ شباط، منع عملاء جهاز الأمن الوطني اثنين من الأحزاب السياسية المعارضة – "الحزب الشيوعي السوداني" و"حزب المؤتمر السوداني" -من عقد اجتماع عام في الخرطوم.

حرية التعبير

استمر فرض القيود التعسفية على حرية التعبير. وصادرت السلطات بانتظام الصحف بعد طبعها. وخلال 2016، صودرت أعداد 12 صحيفة في 22 مناسبة مختلفة. وألقي القبض على عشرات الصحفيين وتم التحقيق معهم من قبل المكتب الإعلامي بجهاز الأمن الوطني ومكتب نيابة الصحافة والمطبوعات في الخرطوم.

في إبريل/ نيسان، صادر جهاز الأمن الوطني الصحف اليومية التالية: آخر لحظة، والصحة، والتغيير، دون إبداء الأسباب. كما صادر الجهاز في مايو/ أيار صحف: ألوان، والمستقلة، والجريدة من المطابع. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، تمت مصادرة صحيفتي الصحة والجريدة.

وفي 14 أغسطس/ آب، علق المجلس القومي للصحافة والمطبوعات إلى أجل غير مسمى نشر أربع صحف، هي: "إيلاف"، و"المستقلة"، و"الوطن"، و"أول النهار". وقال المجلس إنه عطل الصحف بسبب انتهاكها المستمر لأحكام قانون الصحافة والمطبوعات.

عمليات القبض والاحتجاز بصورة تعسفية

في كافة أنحاء السودان، استهدف مسؤولو الأمن الوطني وأفراد قوات الأمن الأخرى أعضاء أحزاب المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان والطلاب والنشطاء السياسيين بعمليات الاعتقال التعسفي والاحتجاز والانتهاكات الأخرى.

في أول فبراير/ شباط، اعتقل مسؤولو الأمن الوطني أربعة طلاب من دارفور في الخرطوم، بعد احتجاج نظمته "الجبهة الشعبية المتحدة"، التابعة لـ"حركة تحرير السودان-جناح عبد الواحد النور"، ضد الصراع في جبل مرة.

في إبريل/ نيسان، استمرت المواجهات العنيفة بين الطلاب ورجال الأمن لمدة ثلاثة أسابيع في جامعة الخرطوم. واندلعت احتجاجات بسبب تقارير تفيد بأن الحكومة كانت تخطط لبيع بعض مباني الجامعة. وألقي القبض على عشرات الطلبة خلال هذه الاحتجاجات، من بينهم خمسة اعتقلوا في الخرطوم8 دون توجيه اتهامات. ثم أفرج عنهم في أواخر أبريل/ نيسان، ولكن أعيد اعتقال بعضهم في مايو/ أيار.

في الخرطوم في 5 مايو/ أيار، داهمت عناصر جهاز الأمن الوطني مكتب نبيل أديب المحامي البارز في مجال حقوق الإنسان، وألقت القبض على 11 شخصا، بينهم ثمانية من الطلاب الذين طردوا أو أوقفوا عن الدراسة من جامعة الخرطوم. وبنهاية يونيو/ حزيران تم إطلاق سراحهم جميعاً.

في 31 يوليو/ تموز، في ولاية وسط دارفور، اعتقلت عناصر جهاز الأمن الوطني 10 أشخاص كانوا قد حضروا لقاءً مع المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان وجنوب السودان خلال زيارته للمنطقة. وكان سبعة نازحين داخلياً من بين الأشخاص العشر. وقد أطلق سراحهم جميعا في سبتمبر/ أيلول9.

استخدام القوة المفرطة

قيدت السلطات حرية التجمع تقييداً تعسفياً، وفي مناسبات عديدة، استخدمت القوة المفرطة لتفريق التجمعات، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والعديد من الجرحى. ولم تُجرَ أي تحقيقات في حالات الوفاة.

في فبراير/ شباط، قام مسؤولون من الأمن الوطني وطلاب منتمون لحزب المؤتمر الوطني الحاكم على نحو عنيف بتعطيل ندوة عامة نظمها أحد الأحزاب السياسية المعارضة في جامعة الجنينة. وقد أصيب عدد من الطلاب بجروح خطيرة، وقد توفي أحدهم وهو صلاح الدين قمر إبراهيم، نتيجة إصابته.

في 19 إبريل/ نيسان، في الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان أصاب عملاء لجهاز الأمن الوطني بعيار ناري في الرأس طالباً في جامعة كردفان وهو أبو بكر حسن محمد طه وعمره 18 عاماً. وكان الطلاب في مسيرة سلمية عندما اعترض طريقهم عملاء جهاز الأمن المدججون بالسلاح، وأطلقوا النار على الحشد، حسبما ورد، في محاولة لمنعهم من المشاركة في انتخابات اتحاد الطلبة. وأصيب 27 طالباً، خمسة منهم في حالة خطيرة. وقد أثار مقتل أبو بكر حسن محمد طه احتجاجات طلابية في جميع أنحاء البلاد10.

في 27 إبريل/ نيسان، قتل عملاء جهاز الأمن الوطني بالرصاص محمد الصادق يويو البالغ من العمر 20 عاماً، وهو طالب في السنة الثانية في جامعة أم درمان الأهلية بولاية الخرطوم.

وفي 8 مايو/ أيار، قامت قوات الشرطة في مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض بتفريق اعتصام سلمي نظمته رابطة طلاب كلية الهندسة بجامعة الإمام المهدي. وورد أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات، مما أسفر عن إصابة نحو سبعة طلاب، أربعة منهم في حالة خطيرة.

السودان: بيان عام لمنظمة العفو الدولية في الجلسة 33 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (AFR 54/4875/2016)السودان: أرض محروقة وهواء مسموم، قوات الحكومة السودانية تجتاح جبل مرة، دارفور (AFR 54/4877/2016)السودان: خمس سنوات ومازال الصراع مستمراً: قصف جوي مكثف وعمليات برية وأزمة إنسانية في ولاية جنوب كردفان السودانية(AFR 54/4913/2016)السودان: جهاز الأمن الوطني يتحرش بعشرة من نشطاء المجتمع المدني (AFR 54/3634/2016)السودان: معلومات إضافية: ثلاثة نشطاء في مجال حقوق الإنسان مازالوا محتجزين (AFR 54/4267/2016)السودان: أسقطوا جميع التهم وأفرجوا عن جميع المعتقلين، (قصة إخبارية، 29 أغسطس/آب)السودان تعترض اشتراك المجتمع المدني في مراجعة حقوق الإنسان التي تقودها الأمم المتحدة (AFR 54/4310/2016)السودان: اعتقال نشطاء طلابيون بدون اتهام (AFR 54/3861/2016)السودان: اعتقال ثمانية، ومكانهم مجهول (AFR 54/4617/2016)السودان: ينبغي على الحكومة التحقيق في القتل الوحشي للطالب الجامعي 18 عاماً على أيدي عملاء المخابرات (قصة إخبارية 20 إبريل/نيسان)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تطهير عرقي